دائماً نشعر بأن الحياة سريعة ونقول ما أشبه اليوم بالأمس، ونقول أيضاً مرت السنوات أو الأشهر أو الأيام سريعاً، وكل ذلك يدل على أنه مامضى من وقت فهو من أعمارنا فلا نستطيع أن نسترجعهُ، أما ما بقى من أعمارنا فهو المستقبل الذي نعيشهُ، ومن الآن يمكننا أن نستثمر المستقبل لنصحح أخطاء الماضي، ونربح ما خسرناهُ، ونستثمر كل مهارةً وطاقةً ووقتاً ضيعناه في ما مضى، ومن هنا أدعوك عزيزي القارئ إلى إدراك نفسك قبل أن تفكر في إدراك المستقبل، وأن تكتشف قدراتك قبل أن تخطط للمستقبل، وأن تستوعب أن ما بقى من حياتك بيدك قبل أن يتقلص سُدى، وأن تُركز كثيراً لتصنع من نفسك تأثيراً يدلُ عليك في حياتك وبعد مماتك.
بما أنك تقرأ هذه الكلمات فركز في ما يلي من وقفات لأنها عصارة كُـــــــتب ودورات ونـــــدوات وورش ومحـــــاضرات ومختلـــــف الأنشطـــــة والمسابقات، نعم أنقــــل إليك عزيزي القارئ بعــــض مــــن معـــــارفي وخبراتي لعلها تجدُ فيك حاجةً لترفع منك درجةً نحو مستقبل واعد لك ولمن حولك، وأعلم بأنه اجتهاد شخصي قد يحالفه الصواب أو الخطأ لكن في النهاية ستستفيد باكتشافك طرق للنجاح فتسلكها أو طرق خاطئة فتتجنبها.
الوقفة الأولى: الرضا الذاتي
مفهوم الرضا عميق وله جوانب عديدة، فمن الرضا ما هو مسلمٌ به فلا نقاش أو اعتراض ولا تستقيم الحياة بدونهُ، فرضا الله عزوجل ومن ثم رضا الوالدين غايةٌ عليا، ورضاك على ما أنعم الله عليك مفتاحٌ لنعم أخرى، فأن ضيعت وقصرت في رضا ربك ووالديك ونعمُ الله عليك فلا تبحث عن الرضا الذاتي لإنك لن تجده، وستظل تلهث في دوامات الحياة بحثاً عن الرضا الذاتي الذي لم تضع أساسهُ في رضا الله والوالدين ونعم الله عليك.
وما سأركز عليه في موضوع الرضا الذاتي هو الرضا عن جوانب الحياة التالية:
الرضا المعرفي والمهاري:
والمقصــود بــــه أن يكـــــون الانســــان راضيــــاً عـــــن مستــــواه المعرفي أو العلمي أو المهاري، وأنه يملك مخزون معرفي يستطيعُ به أن ينــــاقــــــش ويحـــــاور في موضــــــوع أو نقــــــاش، وأن لا يصـــــل المرء إلى استصغار نفسه لعدم معرفته بأمور الحياة وجوانبها المختلفة.
الرضا المالي:
هو من أهم جوانب الحياة، والمال زينة في الحياة الدنيا وليس كما يقول ويردد البعض أنه ” وسخ دنيا ” حيث يقول الله عز وجل في القرآن الكريم ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا ” ، ومن وصل إلى الرضا المالي فقد ينعم بحياته ويُنعم على الأخرين بزكاته وصدقاته لينال الأجر والثواب من الله عزوجل، فالمال وسيلة لتحقيق الغاية وهي رضى الله عزوجل.
الرضا الاجتماعي:
غالباً ما يكون نتيجة لشخصيتك، فمن أنت؟ وما الذي تملكه؟ وما الذي تقدمه؟ وما هي طريقة أو أسلوب حياتك؟ وكيف تتعامل مع غيرك؟ وهل لك إنجازات ونجاحات تذكر؟ أو هل لك أعمال خيرية أو تطوعية مجتمعية ؟ ويتحدد مستوى الرضا الاجتماعي بمستوى إجاباتـــك عــلى مـــــا ذكـــر مــــن أسئلة وعلــــى مـــــدى ظهــــــورك وعطائك ومشاركتك لأفراح الناس وأحزانهم، وباختصار هو نتيجة لمستوى رضى الله عنك.
الوقفة الثانية: القدرات
كل انسان لديه قدرات تميزه عن غيره، وتكون متفاوته، فمنهم من يمتلك قدرات عالية مميزة والبعض الأخر عكس ذلك، والسبب في تفاوت القدرات وتنوعها من وجهة نظري في (4) كلمات ( الرغبة – التركيز – التعلم – الاستمرارية )، نعم هذه هي مفاتيح القدرات العالية، فمن يمتلك رغبة شغوفة، ويركز في شغفه، ويتعلم لاتقان شغفه، ويطبق ما تعلمه بالاستمرارية أو التكرار، فالنتيجة هي قدرات عالية في مجال شغفه.
وتختلف القدرات منها العقلية ومنها الشخصية ومنها التعليمية ومنها العملية أو المهارية، وكل واحد منها يكمل الأخر لتحقيق ريادة حقيقية لقدرات مستقبلية.
الوقفة الثالثة: الخطة
مستقبلك بلا خطة يعني مستقبل بلا رؤية ولا أهداف، والنتيجة مستقبل عشوائي مليئ بالتحديات والمشكلات والأزمات، والمنقذ بأذن الله هي الخطة التي تُنظم لك كل شؤون حياتك وتمضي بخطى ثابته ومدروسة لتحقيق أهداف مستقبلية ريادية، نعم خطط لحياتك لتستطيع أن تستمتع بما أنعم الله عليك، وأن تستثمر قدراتك بشكل يحقق لك نتائج وإنجازات محفزة تجعل منك مميز بين أقرانك.
الوقفة الرابعة: التحسين المستمر
لا تقف عند إنجاز معين بل استمر دائماً بتحقيق المزيد من الإنجازات فقدراتك تؤهلك لذلك فلا تبخل بها على نفسك، ولا تقل أنني متواضع! فلا تواضع في تحقيق الإنجازات.
استمر دائما في تطوير شغفك، وقدراتك، ومهاراتك، وخطة حياتك، اجتهد دائما وأجعل عنوانك التعليم والعمل المستمر الذي سيجعل منك انسان عظيم بإنجازات عظيمة تكون لك أثراً تؤجر عليه في حياتك وبعد مماتك.
وأخيراً
أمضي قدماً في حياتك وأنت متسلح بالعلم والمعرفة والأصرار على تحقيق الإنجازات التي سيعُم نفعها عليك وعلى من حولك باذن الله، وإلى وقفات أخرى قادمة بأذن الله فأني أوصيكم ونفسي بما ذكرت أعلاه من وقفات أحسبها جوهر للحياة.