في بداية كل عام يضع الموظفين أهدافهم سعياً للإجادة الوظيفية وتحقيقاً للأهداف المؤسسية والحصول على الحوافز والمكافآت السنوية، ويتفاوت مستوى جهود وأداء الموظفين من جودة أهدافهم وطموحها إلى مستوى تنفيذها، فالبعض يحقق ما دون التوقعات لأسباب متعددة والبعض استطاع أن يحقق التوقعات بجهوده المتواصلة، والبعض الأخر استطاع أن يحقق بما يفوق التوقعات بجهود استثنائية، وبناءً على ذلك يتم تحديد مستوى كل موظف ويرصد مستوى ودرجة التقييم حسب الأداء الفعلي المنجز، وتبدأ مرحلة التقييم التي تكون بين الموظف ومسؤولة المباشر لتحديد مستوى أداء الموظف السنوي بين الممتاز أو الجيد جداً أو الجيد أو المتوسط أو الضعيف، وعليه تمنح المكافآت والحوافز للمجيدين، ومن هنا تبدأ مرحلة الرضا والقبول بالتقييم أو الرفض ورفع التظلمات.
والسؤال لماذا يتظلم الموظف؟ وتتعدد الإجابات حسب الحالات الأتية:
- الموظف أهدافه غير طموحة ولا إنجازات تذكر، ولكن لا يقبل بمستوى تقييم مسؤولة المباشر ويرفع التظلم.
- عدم وجود الشفافية في المعايير، حيث يقيم المسؤول المباشر بشكل عشوائي وغير دقيق مما ينتج عنه اختيار خاطئ، لذلك ينزعج الموظفين والحل في رفع التظلم.
- غياب العدالة في التقييم، حيث يتعمد المسؤول المباشر ترشيح موظف رغم قناعته بعدم أحقيته ولكن لأسباب ومصالح معينة يختار الموظف الخاطئ ونتيجة لذلك يشعر بقية الموظفين بالظلم والحل رفع التظلمات.
- الاستياء من تطبيق منحنى توزيع نسب التقييم والمعروف بالكيرف، وهذا الموضوع سأخصص له مقالاً أخراً لشرح تفاصيل تطبيقه بين الإيجابيات والسلبيات.
كثيرة هي الأسباب التي تثير حفيظة الموظفين واستيائهم ويشعر الموظف بالظلم وغياب العدالة سواء أكان صائباً أو مخطئاً لكن هنالك تردد كبير من الموظفين في رفع التظلم على نتيجة تقييمهم حيث يتخوف بعض الموظفين من ردة الفعل ما بعد التظلم من قبل المسؤول المباشر باعتبار أنه سيكون في القائمة السوداء، والبعض الأخر يتخوف من المواجهة، لكن السؤال هل هذا أمر صحي؟ طبعا الجواب لا لأن ذلك يزيد الطين بله، ولا يعالج المشكلة وإنما يشترك الموظفين في تفاقم المشاكل واستمرارها خصوصاً إذا كان الموظف فعلاً مظلوم في تقييمه ولم يمنح التقييم المناسب لأدائه الفعلي.
دعونا نحلل الموضوع ونذكر مثالاً يوضح الأمر، تخيل معي أن لديك هدف بناء منزلك المستقبلي واعتمدت خارطة المنزل بدون تركيز ومراجعة لكثرة انشغالاتك وأعمالك، وأثناء تنفيذ المقاول للعمل بدأت في توجيه المقاول لإجراء بعض التغييرات منها البسيط ومنها الكبير لدرجة أن المقاول رفض إجراء التغييرات أو قام بها وأثر على مستوى جمالية المنزل ولم يعجبك في الأخير، فالنتيجة هنا ستؤول إلى الشكاوى والمحاكم بينك وبين المقاول أو الاستشاري حسب تقييمك العام، وهنا نسأل من السبب؟ وأين المشكلة؟ وأتوقع جميعنا يعرف الجواب لأن السبب في صاحب المنزل والمشكلة في الخارطة التي اعتمادها صاحب المنزل دون مراجعة، هكذا هي خطة الموظف مثل الخارطة إذا تم إعدادها واعتمادها أو تنفيذها بشكل خاطئ فأن النتيجة ستكون تظلم الموظف على تقييم مسؤوله المباشر وربما الوصول إلى المحاكم.
ما هو الحل المناسب؟
من وجهة نظري كمدرب في إدارة الأداء والتقييم الوظيفي فأن الحل يكون كالآتي:
- تحديد معايير واضحة بين الموظف ومسؤوله المباشر لعملية ترشيح المجيدين.
- إعداد خطة الأهداف بجدية عالية والحرص على تنفيذ أهداف طموحة مع توثيق للأداء الفعلي.
- متابعة مباشرة من المسؤول المباشر لأداء الموظفين أثناء التنفيذ والمناقشة المستمرة للأداء.
- إذا شعر الموظف بالظلم رغم خطته الطموحة وإنجازاته الملهمة فعليه تقديم التظلم لتصحيح المسار وعدم التخوف من ردة الفعل.
- على المسؤولين المباشرين عدم شخصنة التظلمات لأنها ثقافة صحية تؤدي إلى احقاق الحق ودرء المفاسد.
- يؤدي قادة المؤسسات دورهم في متابعة تقييم الموظفين وفرض الرقابة على نتائجه وحوكمة عملياته بحيث نضمن المحاسبة.
وأختم مقالي هذا بالتأكيد على ضرورة رفع كفاءة المسؤولين المباشرين في عمليات إعداد وتقييم الخطط والأداء الفعلي لضمان تحقيق العدالة بين الموظفين وتحقيق الأهداف المؤسسية، ولا يتحقق ذلك إلا بوجود قادة واعين بمهامهم القيادية من المتابعة والتحفيز إلى الرقابة والمحاسبة، وأنصح في تنفيذ مجموعة من الدورات التدريبية التي أركز على تقديمها لنشر ثقافة الإجادة الوظيفية وهي:
– دورة تجويد الأهداف الوظيفية وتستهدف الموظفين والمسؤولين المباشرين.
– دورة الإدارة المستمرة للأداء وتستهدف المسؤولين المباشرين.
– دورة منهجيات وآليات التقييم والتغذية الراجعة وتستهدف المسؤولين المباشرين والموظفين.
– دورة ثقافة الإجادة الوظيفية وتستهدف الموظفين بمختلف مستوياتهم.
– دورة حوكمة تطبيق الإجادة الفردية والمؤسسية وتستهدف المسؤولين عن تطبيق الإجادة في الموارد البشرية.
– دورة إعداد بنك الأهداف الوظيفية وتستهدف المعنيين في المؤسسات.
– دورة إعداد وتمكين المدربين في الإجادة الفردية وتستهدف الراغبين في الحصول على اعتماد كمدرب في إعداد الخطط الوظيفية.
يعقوب الخزيمي
مدرب في الإجادة